لقد انهالت الردود والتعليقات على التصريحات غير الدقيقة للأخت زهرة المنشودي، والتي صدرت في لحظة انفعال عابرة، دون قصد مسبق أو تحضير. ومع ذلك، علينا جميعاً أن نتذكر أن من أسس العمل السياسي، بل ومن شروط النضال الفعّال، ضبط اللسان قبل تصريف الأفعال. فاللغة سلاح ذو حدين: قد تبني جسور المحبة والتواصل، أو تزرع بذور البغضاء والحقد.
ومن موقع مسؤوليتنا الحزبية، أجد من الضروري استرجاع بعض الثوابت والمبادئ التي نؤمن بها جميعاً، والتي تتعارض كليةً مع تلك التصريحات المرفوضة التي أثارت استنكاراً واسعاً. وفي هذا الإطار، أودّ أن أُعيد التأكيد على معنى كل كلمة من اسم الحزب الذي نفتخر بالانتماء إليه:
أولاً: «التجمع»
إن الكلمة تقتضي جمع القوى الحية المخلصة للمصلحة العليا للبلاد، لا تفريقها. ندعو إلى توحيد جميع المناضلين، مهما اختلفت رؤاهم وتوجهاتهم، لأن في الوحدة قوة، وفي الفرقة ضعف وهوان.
ثانياً: «الوطني»
الوطن رحبٌ يشمل الجميع، ولا يختص بفئة دون أخرى. هو بيت تحتضن جدرانه جميع الفاعلين المخلصين، من يمين ويسار ووسط، يوحدنا رغم اختلافنا. هو العائلة الكبيرة التي تضم أبنائها وبناتها مهما اشتد الخلاف، ولا يحق لأحد طرد أحد إلا إذا انكر مبادئ الوطن وقيمه، فتمت طرده جغرافياً قبل تاريخياً.
ثالثاً: «الأحرار»
الحرية هنا كلٌ لا يتجزأ: من حرية الانتماء السياسي إلى حرية التعبير. لا يحق لأحد مصادرة حق الآخر في إبداء رأيه. ومن لا يسع صدره لسماع النقد البناء، ومناقشته بالحجة والعمل، فلا يستحق لقب السياسي ولا يمتاز بصفات القائد.
إن المعارضة جزء لا يتجزأ من المشهد السياسي؛ فهي ترافق كل عمل حكومي أو إداري، وتساهم في تصويبه وتحسينه. ونفتخر بالتفاعل الإيجابي الذي نجده من منتقدينا المؤسسين على البناء، فقد استفدنا من بعض الانتقادات المعارضة أكثر من بعض التحالفات. وكما قال الإمام الشافعي:
«قولي صواب يحتمل الخطأ، وقولك خطأ يحتمل الصواب»،
تذكيراً لنا جميعاً بأن الحقيقة المطلقة لا يملكها أحد.
أول شروط الديمقراطية هو تمكين الآخرين من التعبير عن آرائهم، حتى وإن خالفت أهوائنا، فقد تحمل في طياتها تنبيهات قد تنقذنا. نحن في وطن نختلف فيه ولا نختلف عليه؛ فإذا جزمنا بألا نكمّ الأفواه في وجهنا، فعلينا ألا نكمّها في وجه الآخرين. وتماماً كما عبر ڤولتير:
“لي كامل الحق في الدفاع عن رأيي، لكني مستعد للموت من أجل حقك في التعبير عن رأيك.”
فمرحباً بكل صوت، ناقداً كان أو داعماً، طالما يحترم قواعد الحوار الهادئ البعيد عن السباب والقذف. لنجعل اختلافاتنا دافعاً لتطوير العمل ولنتنافس لخدمة التنمية في مدينتنا. فالتضارب في الآراء قوة إيجابية لنصليح الأمور، اقتداءً بقول الله تعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم:
«وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يَذْكُرُ فِيهَا اسْمَ اللَّهِ كَثِيرًا وَالَّذِينَ أَذْنَتْ لَهُم مُّحَرَّمَاتُ اللَّهِ»
سورة البقرة، الآية 114.
أمنة متوكل نائبة المنسقة المحلية للمرأة المتجمعية باكادير.
مشرفة على المقر الجهوي بجهة سوس ماسة بحزب التجمع الوطني للأحرار.
التعليقات - امنة متوكل: نداء للعودة إلى صوت الحكمة والرصانة :
عذراً التعليقات مغلقة